الجمعة ٢٤ / أكتوبر / ٢٠٢٥
من نحن اتصل بنا سياسة الخصوصية
×

رفع تصنيف مصر الائتماني لن يكون نهاية المطاف!

رفع تصنيف مصر الائتماني لن يكون نهاية المطاف!
رمضان ابو إسماعيل

-       حسن عبد الله: الاصلاحات النقدية والهيكلية تعزز الثقة المتزايدة في الاقتصاد المصري

-       أحمد كجوك: السياسات المنفذة علي مدار السنوات الماضية أفرزت تأثيرات اقتصادية إيجابية

-       د. محمود ابو العينين: الأوضاع السياسية والأمنية أصبحث أكثراستقرارا عقب وقف حرب غزة

-       د. غادة البياع: كلما كان التصنيف الائتماني مرتفعا كلما قلت نسبة الفائدة علي الديون

-       د. خالد الشافعي: رفع التصنيف يعني خفض تكلفة الديون وزيادة  جاذبية أدوات الدين

 

في اجراء يؤكد استعادة ثقة الأسواق العالمية في قدرة الاقتصاد المصري علي النمو والتعافي، رفعت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني، مؤخرا، تصنيفها للاقتصاد المصري طويل الأجل من المرتبة B- إلي المرتبة B+ مع نظرة مستقبلية مستقرة، بما يدلل علي أن الفترة المقبلة ستشهد المزيد من التحسن الاقتصادي، خصوصا مع وقف الحرب في غزة وما يترتب علي ذلك من زيادة مرتقبة في إيرادات العبور في قناة السويس وتعافي عائدات قطاع السياحة.

ومن قراءة مؤشرات أداء الاقتصاد المصري، يتبين جليا أن رفع تصنيف مصر الائتماني سواء من قبل ستاندرد آند بورز أو فيتش أو موديز لن يكون نهاية المطاف بل سيكون بداية لانطلاقة تنموية جديدة تعتمد علي الطفرة الحاصلة في مؤشرات أداء الاقتصاد المصري، فالنمو الاقتصادي يتعافي والميزان التجاري يتحسن والفائض الأولي في يتزايد فيما يتراجع الدين العام وعجز الموازنة، ما يعني المزيد من التحسن في الاداء الاقتصادية.


تصنيف ائتماني

بداية يعرف التصنيف الائتماني، وفقا لـ " د. غادة البياع، أستاذ الاقتصاد بكلية الدراسات الأفريقية العليا بجامعة القاهرة"،  علي أنه تقييم مستقل لقدرة الشركة أو الحكومة على سداد الدين، إما بشكل عام أو فيما يتعلق بالتزام مالي محدد، ويشير التصنيف الائتماني -أساسًا- إلى احتمالية تخلف المُصدر عن سداد قرض أو أداة دين أخرى بسبب الإفلاس، وتعتمد الدول أو مؤسسات التمويل أو المستثمرون علي التصنيفات الائتمانية لتحديد مخاطر شراء السندات أو الديون الأخرى من الجهات المصدرة.

وتعد مؤسسات التصنيف الدولية الأكثر مصداقية حول العالم كل من وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني العالمي، وكالة موديز لخدمات المستثمرين، وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، التي تقوم علي اصدار تصنيفات ائتمانية دورية للأفراد والشركات والحكومات، ويتراوح التصنيف بين A++ أعلي تصنيف وD كأقل تصنيف. ويشير التصنيف الائتماني المرتفع إلى أن مُصدر السندات يُرجَّح أن يُسدد ديونه للمستثمرين دون صعوبة، فيما يعني التصنيف المنخفض، أنه قد يواجه صعوبة في سداد مدفوعاته، أما أدنى التصنيفات، تعني أن المقترض يُعاني من ضائقة مالية حقيقية.

ووفقا لـ " د. البياع"، يتم تقييم السندات بتصنيف ائتماني قبل إصدارها، وأنه يتم تحديد نسبة فائدة السندات بناءً على التصنيف الائتماني، وأنه كلما كان التصنيف الائتماني مرتفعا كلما قلت نسبة الفائدة علي الديون، فيما تضطر الشركات (الدول) ذات التصنيف الائتماني المنخفض إلى دفع سعر فائدة أعلى لتعويض مخاطر الاستثمار، بل يعتمد المستثمرون ومؤسسات التمويل الدولية علي التصنيفات الائتمانية في تحديد ما إذا كانوا سيتعاملون مع الشركة أو الحكومة المصنفة وتحديد مقدار الفائدة، التي يتوقعون الحصول عليها لتعويضهم عن المخاطر، التي تنطوي عليها.


رفع التصنيف

رفعت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني تصنيف مصر الائتماني، الأسبوع الماضي، درجة واحدة من  B+ إلي B، للمرة الأولي منذ سبع سنوات، مع نظرة مستقبلية مستقرة، فيما رفعت وكالة فيتش تصنيف مصر طويل الأجل للعملة الأجنبية عند «B» مع نظرة مستقبلية مستقرة في نوفمبر 2024، أما  وكالة موديز فقد ابقت على تصنيفها لمصر عند "Caa1" منذ أكتوبر 2023، على الرغم من أنها عدلت نظرتها المستقبلية إلى "إيجابية" في مارس 2024، نتيجة للاصلاح الهيكلية التي يشهدها الاقتصاد المصري خلال السنوات الأخيرة.

ويقف وراء هذا التحسن في التصنيف الائتماني الإصلاحات الهيكلية ،التي يشهدها الاقتصاد المصري، المضي قدما في تطبيق سعر صرف مرن، وارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وتحسن مؤشرات القطاع الخارجي، والانضباط المالي، إلى جانب تحقيق فائض أولي بلغ 3.6% خلال العام المالي الماضي، وخفض مستويات الدين الحكومي.

وتوقعت وكالتي ستاندرد آند بورز وفيتش، في بيان رسمي صادر عن وكالة ستاندرد آند بورز، إرتفاع معدل النمو إلى 4.4% خلال عام 2025، مقارنة بـ2.4% في 2024، مع زيادة مرونة الاقتصاد، وتحسن بيئة الاستثمار، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص، الذي سجلت استثماراته نموًا يفوق 70% ، ونجاح الحكومة في تنفيذ إصلاحات مالية هيكلية تستهدف توسيع القاعدة الضريبية، والتي سجلت نموًا بنسبة 35% في الإيرادات الضريبية دون فرض أعباء إضافية، بفضل حزمة التسهيلات الضريبية المطبقة.


النمو الاقتصادي

يأتي رفع التصنيف الائتماني، في ضوء آفاق نمو الناتج المحلي الإجمالي الأقوى وزيادة الإيرادات إلى جانب ضبط الإنفاق وأهداف الفوائض الأولية المرتبطة ببرنامج صندوق النقد الدولي، وذلك مع استمرار ضبط أوضاع المالية العامة وإن كان بوتيرة تدريجية، إلى جانب برنامج صندوق النقد الدولي، فإن الالتزام بسعر صرف يحدده السوق من المفترض أن يستمر في دعم آفاق نمو الناتج المحلي الإجمالي لمصر وجهود ضبط أوضاع الماليات العامة على مدار السنوات المالية 2025-2028.

ويتواصل الأداء الجيد للاقتصاد المصري متمثلا في ارتفاع عائدات السياحة، حيث شهدت عائدات القطاع في الربع الممتد من أبريل إلى يونيو 2025 ارتفاع قدره 20%، مما يؤكد تعافي الاقتصاد المصري من تداعيات جائحة كوفيد-19، ويتزامن مع تعافي القطاع السياحي، شهدت تحولات العاملين بالخارج طفرة ملموسة كونها ارتفعت خلال نفس الفترة بنحو 37%، لتدعم قدرة ميزان المدفوعات المصري، خاصة أن تحويلات المصريين في الخارج مثل مصدر رئيسي آخر للعملة الأجنبية إلي جانب عائدات السياحة.


الثقة المتزايدة

يعكس قرار وكالة ستاندرد آند بورز برفع التصنيف الائتماني لمصر، في رأي حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي، الثقة المتزايدة في الاقتصاد المصري نتيجة الإصلاحات النقدية والهيكلية التي نُفذت خلال الفترة الماضية، وأن توحيد سعر الصرف كان خطوة أساسية نحو تعزيز استقرار الأسواق، مشيرًا إلى أن تحسن مؤشرات القطاع الخارجي وارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي يعكسان فعالية السياسات الاقتصادية التي تم تطبيقها.

ويلتزم البنك المركزي المصري، وفقا للمحافظ حسن عبد الله، بمواصلة تنفيذ السياسات النقدية الرشيدة، التي تستهدف احتواء التضخم والحفاظ على استقرار النظام المالي، بما يدعم النمو الاقتصادي المستدام ويعزز ثقة المؤسسات الدولية والمستثمرين في الاقتصاد المصري، حيث تتواصل جهود اتمام الانتقال إلى نظام سعر صرف مرن، التي تعمل علي تحسين الجدارة الائتمانية للاقتصاد الوطني.


جدية الحكومة

يعد قرار وكالة ستاندرد آند بورز برفع التصنيف الائتماني لمصر من درجة "B-" إلى "B" لأول مرة منذ سبع سنوات، مع نظرة مستقبلية مستقرة، إلى جانب تثبيت مؤسسة "فيتش" للتصنيف عند الدرجة ذاتها، التي تم رفعها خلال العام الماضي، في رأي أحمد كجوك وزير المالية، بمثابة انعكاس لإدراك مؤسسات التصنيف الدولية لجدية الحكومة المصرية في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، والتأثير الإيجابي المتحقق نتيجة السياسات المنفذة على مدار السنوات الماضية.

وأصبحت الإصلاحات الاقتصادية والمالية، التي تنفذها الدولة، والنتائج الإيجابية التي تحققت، بما في ذلك التجاوب والمرونة الكبيرة من القطاع الخاص، محل اهتمام وتقدير متزايد من المستثمرين والمؤسسات الدولية والأسواق العالمية. وقد بدأت مؤسسات التصنيف -بالفعل- في تعديل تقييماتها للاقتصاد المصري ورفع نظرتها المستقبلية بشكل إيجابي، وهو ما يُعد مؤشرًا مهمًا على تحسن الجدارة الائتمانية للبلاد. وتعمل الحكومة، بشكل متسق ومتكامل على مواجهة التحديات ومواصلة الإصلاحات لدعم النمو وتعزيز تنافسية الاقتصاد.

ويضمن استكمال هذه الإصلاحات، مع السياسات المتناغمة، وفقا لـ "وزير المالية"، استمرار الاستقرار الاقتصادي، وينعكس إيجابيًا على جودة حياة المواطنين، ويدعم قدرة مصر على المنافسة في الاقتصاد العالمي. وتمثل القرارات الأخيرة لمؤسسات التصنيف الدولية شهادة ثقة في برنامج الإصلاح الوطني، وتمنح دفعة قوية لمسار التنمية الاقتصادية، وتؤكد على كفاءة السياسات المالية والنقدية المتبعة.

يعزز رفع التصنيف الائتماني لمصر، كما أكد علاء عبد الرحمن مستشار وزير المالية المصري للمؤسسات المالية الدولية، ثقة المستثمرين في الاقتصاد، ما قد ينعكس انخفاضاً بكلفة الاقتراض الخارجي للحكومة، وأن تحسّن التصنيفات الائتمانية يزيد الإقبال على السندات والأذون المصرية، ما يخفض تكلفة الاقتراض الخارجي للحكومة، نتيجة تراجع العوائد وانكماش فروقات مقايضات المخاطر الائتمانية على السندات متوسطة الأجل، ما يُمكّن الحكومة من تمويل احتياجاتها الدولية بشروط أفضل ويخفف الضغط على المالية العامة.

واعادت حزمة التيسيرات الضريبية الجديدة، وفقا لـ "مستشار وزير المالية"، الثقة بين الحكومة ومجتمع الأعمال، وأسهمت في تحقيق المزيد من تيسير وتسهيل الإجراءات أمام كيانات القطاع الخاص، ما انعكس -بدوره- على ارتفاع استثماراته بنحو 73% خلال العام المالي الماضي، لتتجاوز حصة القطاع الخاص نحو 55% من إجمالي الاستثمارات في مصر، وأنه في سبيل العمل علي الاستفادة من هذا التحسن في الجدارة الائتمانية للاقتصاد المصري ، تعمل وحدة إدارة الدين العام بوزارة المالية، حالياً على طرح صكوك محلية، وأن الموضوع تجري بلورته تمهيداً للتنفيذ قريباً.


الاستثمارات الأجنبية

تؤدى القرارات الأخيرة الخاصة بتحسين التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري، في رأي د. محمود ابو العيون، محافظ البنك المركزى الأسبق، إلي جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية الحقيقية مستقبلا، ويرفع مستوى مصر استثماريا إلى مصاف الدول الآمنة للاستثمار بدلا من كونها دولة معرضة للمخاطر، وتحقيق مزيد من تحسين أداء الاقتصاد المصرى، حيث أن التصنيفات الجديدة للاقتصاد المصرى، تعد دليلاعلى أن الأوضاع السياسية والأمنية، أصبحث أكثراستقرارا عقب التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ما يدعم استقرار منطقة البحرالأحمر، والعودة مجددا إلى مستوى المرور لقناة السويس، ما يعزز أداء المالية العامة.

وكانت وكالة ستاندرد آند بورز قد حجبت، والكلام لـ "أبو العينين"، أي تغييرات في التصنيف الائتمانى لمصر منذ فترة طويلة، لكنها كانت تغيرفى النظرة المستقبلية، وبالتالى فان تعديل مستوى التصنيف من B إلى B+ مؤخرا يعنى مقتضيات تغييرالتصنيف الائتمانى لمصرالى المستوى الأعلى يعد دليلا على أن الأوضاع السياسية والأمنية أصبحت أكثراستقرارا عقب التوصل لاتفاق وقف اطلاق النارفى غزة، ما سيدعم استقرار منطقة البحرالأحمر، وعودة مستوى المرور في قناة السويس إلى معدلاتها السابقة عقب الخسائر الناجمة عن التحولات الإقليمية.

وتمثل إجراءات ضبط أداء المالية العامة، بحسب محافظ البنك المركزى الأسبق، مسار جيد لإدارة المالية العامة للدولة، بما يمنع انزلاقها في مشاكل العجز الكلى والإجمالى للموازنة العامة، وأن اتجاه البنك المركزى المصرى لخفض أسعار الفائدة بنظام الكوريدور يعنى أننا نسير في الاتجاه الصحيح للسيطرة على مستوى التضخم، وـأن تعزيز احتياطيات الدولة من النقد الأجنبى لدى البنك المركزى مؤشر جيد على قدرة مصر الائتمانية على خدمة الدين الخارجى دون مشاكل تذكر، وأن رفع التصنيف الائتماني يمثل اعتراف من قبل هذه الوكالات بالتحسن الحاصل في اداء الاقتصاد، وتدفع في اتجاه وضع مصر في مصاف الدولة الامنة للاستثمار، بدلا من كونها دولا معرضة للمخاطر، ما يجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.


الاصلاحات العميقة

تعترف مؤسسات التصنيف الدولية، وفقا لـ " د. خالد الشافعي، رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية"، بفاعلية الإصلاحات العميقة، التي تجريها الحكومات المتعاقبة السنوات الأخيرة على أرض الواقع، وليس فقط على مستوى المؤشرات المالية، وأن أهمية هذا التطور لا تقتصر على رفع درجة التصنيف، بل في استعادة ثقة الأسواق العالمية في قدرة الاقتصاد المصري على النمو الذاتي دون الاعتماد المفرط على التمويل الخارجي، وهو ما يمثل نقلة نوعية في النظرة لمستقبل الاقتصاد الوطني.

ويعني تحسن التصنيف الائتماني من الناحية العملية، في رأي الشافعي، انخفاض تكلفة التمويل لمصر وللقطاع الخاص وتقليل تكلفة التامين على الديون، وزيادة جاذبية أدوات الدين المصرية في الأسواق الدولية، ما يفتح الباب أمام تدفقات استثمارية جديدة، خاصة في القطاعات الإنتاجية، التي تُسهم في دعم الصادرات وخلق فرص العمل، وأن التحسن الملحوظ في مؤشرات الاقتصاد، مثل ارتفاع معدل النمو، وزيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي، خير دليل على نجاح خطوات الإصلاح الاقتصادي والهيكي وتحقق التوازن بين ضبط المالية العامة وتحفيز النشاط الاقتصادي.

ويتمثل التحدي القادم، والكلام لـ "الشافعي"، في تحويل الثقة الدولية إلى دوام جذب الاستثمارات المباشرة على الأرض، عبر تسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية وتسريع برنامج الطروحات الحكومية، وتبسيط الإجراءات، وتوسيع دور القطاع الخاص، موضحًا أن استمرار هذا المسار سيُحوّل التصنيف الإيجابي من مجرد “إشارة مالية” إلى واقع تنموي ملموس يشعر به المواطن في فرص العمل وتحسن الخدمات، وأن رفع التصنيف الائتماني لمصر ليس نهاية الطريق، بل بداية مرحلة جديدة من العمل على ترسيخ الاستقرار الاقتصادي وتعزيز الإنتاج والتصدير، وتحقيق استراتيجية مصر 2030.