الجمعة ٢٤ / أكتوبر / ٢٠٢٥
من نحن اتصل بنا سياسة الخصوصية
×

انتخابات البرلمان.. لا لون ولا طعم ولا رائحة

انتخابات البرلمان.. لا لون ولا طعم ولا رائحة
رمضان ابو إسماعيل

وهكذا تسير الأمور في انتظار تدخل فاعل من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي لإعادة الأمور إلي نصابها..


أتابع الانتخابات البرلمانية منذ قرابة 3 عقود وتحديدا منذ عام 1995 كنت حينها طالبا في الفرقة الأولي بكلية التربية قسم اللغة الإنجليزية جامعة بني سويف، واذكر عندما كان كبار المؤيدين يجتمعوا أمام اللجان ويتقفوا علي صيغة ترضي جميع الأطراف وتظهر البلد في شكل مقبول أمام المرشحين.. 

وتعمقت متابعتي للشأن السياسي بعد إلتحاقي بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية علي 1996، فكانت انتخابات متلاحقة متشابهة إلي حد كبير، انتخابات برلمانية اعوام 1995 و2000 و2005 وما تخللها من انتخابات لمجلس الشوري واستفتاءات علي الرئيس والدستور ثم انتخابات رئاسية وكان السمت لا يتغير كبار البلاد يجتمعوا ويتفقوا علي صحيفة ترضي جميع الأطراف.


حتي جاءت انتخابات 2010 التي تجلي فيها عبقرية بعض قيادات الحزب الوطني برئاسة رجل الأعمال أحمد عز، الذين هداهم فكرهم الشياطي إلي القيام بترشيح ممثلين للحزب الوطني علي كل مقعد فردي بغية الاستحواذ علي كل مقاعد البرلمان.


وقد كان وتحقق الحلم الشياطي واستحوذ الحزب الوطني المنحل علي كل مقاعد البرلمان تقريبا، وعندما فكر رموز المعارضة حينها في تشكيل برلمان مواز ووصل الأمر إلي مسامع الرئيس الراحل حسني مبارك، فما كان منه إلا أن قال كلمته الشهيرة: "خليهم يتسلوا".. وكان ما كان في يناير 2011..


رأيت شريط اخبار الانتخابات النيابية التي عاصرتها وتذكرت تفاصيلها مع زيادة سخونة انتخابات البرلمان للدرجة التي لا يشعر أحد من العامة ببداية الموسم الانتخابي من الأساس، فسخونة هذه الانتخابات لا يشعر بها حتي أطرافها من المرشحين، الذين طالما يكرروا مقولة مفادها إن الأمور محسومة وكأنهم عايزين يقولوا عن المنافسين: "خليهم يتسلوا مثل سابقيهم من رموز المعارضة في عام 2010".


في أعقاب ثورتي 25 يناير 2011، استقرت الأمور نسبيا بعد خلع الرئيس حسني مبارك، وتعددت هذه الفترة الاستحقاقات الدستورية بشكل غير مسبوق (انتخابات برلمانية - انتخابات رئاسية - استفتاءات علي الدستور). كانت البداية عام 2011 الذي شهد استفتاء التعديلات الدستورية وانتخابات برلمانية، التي امتدت إلي شهر يناير 2012، ذلك الشهر الذي شهد بداية إجراءات انتخاب مجلس الشوري، وكذا انتخابات الرئاسية التي فاز فيها مرشح جماعة الإخوان المحظورة محمد مرسي، وتم خلال نفس العام الاستفتاء علي الدستور.


وفي أعقاب ثورة 30 يونيو 2013، التي اطاحت يحكم جماعة الإخوان المحظورة، ثم كان الاستفتاء علي دستور جديد في يناير 2014 ، وبعد ذلك أقيمت الانتخابات الرئاسية ليتولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة مصر، وشهد العام ذاته دعوة الناخبين لاختيار أعضاء مجلس النواب وتم إجراء الانتخابات البرلمانية في أبريل 2015، وفي عام 2018 كانت الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي للمرة الثانية علي التوالي، وفي عام 2019 تم إجراء استفتاء علي تعديلات دستورية اعقبها انتخابات مجلس الشيوخ والنواب في عام 2020.


وفي العام الجاري 2025، تم إجراء انتخابات مجلس الشيوخ في أغسطس الماضي، واعقبها إجراءات انتخابات مجلس النواب المقرر الانتهاء من اجراءاتها قبل نهاية عام 2025.


وها نحن أمام انتخابات نواب 2025 هذه الانتخابات، التي جاءت مختلفة تماما عن أي انتخابات سبقتها، فهي انتخابات تعبر عن المعني الحقيقي للقول الدارج "جعجعة بلا طحن".. 

حقيقة انتخابات مجلس النواب 2025 هي انتخابات بلا طعم ولا لون ولا طعم ولا رائحة..


هي انتخابات تجلت فيها كل أعراض أمراض الانتخابات في مختلف العصور من إعداد سيئ للغاية أدي إلي استحواذ طرف قضي علي كل أمل في المنافسة، وذلك علي الرغم من أن هذه الانتخابات جاءت تالية لانتخابات مجلس الشيوخ، التي شهدت تراجع ملموس في معدلات المشاركة السياسية نتيجة العزوف الجماهيري الكبير عن المشاركة.


دفع العزوف الجماهيري الكبير في انتخابات الشيوخ الأخيرة بعض من المتفائلين للذهاب إلي أن انتخابات النواب ستشهد تدخلات فاعلة لعلاج ما ظهر من أعراض مرضية في انتخابات الشيوخ.


وها هي جاءت انتخابات النواب في حلة ما كان يتوقع أحد أن تكون عليها.. فلا يوجد سبب واحد يدفع المواطنين للذهاب إلي صناديق الانتخابات للمشاركة في عملية اختيار البرلمان.. 


..وهكذا تسير الأمور في انتظار تدخل فاعل من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي لإعادة الأمور إلي نصابها..