السيدة حورية.. مسجد حائر بين تلهف المصلين وتباطؤ اجراءات الترميم!

* المسجد تبرع بأرضه وتكاليف بناءه إسلام باشا تحت إشراف أمهر المهندسين الإيطاليين 

* المصلون يخشون انهيار المسجد فوق رؤوسهم.. والأوقاف تلقي بالمسئولية علي الادارة الهندسية

* حريق قصر إسلام باشا والمطرانية عمق من جراح المسجد وزاد الطين بلة

* حسين براني: الأوقاف رصدت 2.5 مليون جنيه لتنفيذ أعمال المرحلة الثانية دون تحديد موعد البدء

سلطت  الحرائق، التي نشبت في قصر إسلام باشا ثم مطرانية بني سويف الضوء علي الحالة التي آل إليها مسجد السيدة حورية بمنطقة وسط مدينة بني سويف، أو الست حورية، كما يحلو لأبناء بني سويف تسميته، حيث تسربت الشقوق إلي أعمدة وسقف المسجد بشكل بات ملحوظا لكل رواد المسجد من  كل قري وبني سويف وغيرها، ما تسبب في زعر وخوف رواد المسجد لكثرة التشققات في كل أركانه،  ما حدا بالقائمين علي المسجد من أعضاء مجلس الإدارة وغيرهم من محبي مساجد آل البيت، للتحرك سريعا في سبيل انقاذ المسجد.

تمثلت التحركات في طرق أبواب كل المسئولين المعنيين بالأمر في وزارة الأوقاف ومديرية أوقاف بني سويف، لكن يبدو أن هؤلاء المسئولين لا ينزلون الأمر حق قدره، ولا يقدرون القيمة الأثرية والتاريخية لهذا المسجد، ولا يدركون قيمة هذا المسجد بالنسبة لكل ابناء بني سويف، الذين يعتبرون مسجد السيدة حورية المزار رقم (1) لكل محبي آل البيت في قري ومدن بني سويف، حيث اقتصر رد مسئول أوقاف بني سويف عندما طرحنا الأمر عليه: "الملف في الادارة الهندسية" دونما زيادة كلمة واحدة.

ما يمكن انقاذه

تجسدت الأعمال الجاري القيام بها بالجهود الذاتية، بحسب أحد أعضاء مجلس إدارة المسجد، في تهيئة المنطقة المحيطة للمسجد والعمل علي إزالة آثار الحريق الذي شب في قصر إسلام باشا مقر مديرية التربية والتعليم القديم ومطرانية بني سويف، حيث تسبب الحريق في تحويل المنطقة المحيطة إلي حالة من السواد الناتج عن تصاعد النيران وكثافة الدخان، لكن الأمر يحتاج ما هو أكثر من عمليات قص الأشجار أو تنظيف الحوائط، فالمسجد يحتاج إلي جهود أكبر بكثير .

ومن المتعارف عليه أن مسجد السيدة حورية يقصده الكثيرون من المصلين من داخل المحافظة وخارجها، ولا سيما وجود ضريح السيدة زينب الحسينية شرف الدين، التي تنتسب من جهة أبيها إلى الإمام أبي عبدالله الحسين بن علي،  كرم الله وجهه، ولكن فوجىء رواد المسجد بزيادة التشققات في أعمدة وجدران المسجد، وتسريب المياه في الممر بين المسجد والمقام  وتساقط  المحارة والدهانات.

منذ وقت مضى كان الكابتن توني عثمان، نائب رئيس مجلس إدارة المسجد، قد صراح أنه تم الاتفاق مع مؤسسة أهلية للقيام علي استلام المسجد وإعادة ترميمه، وكان ذلك في أعقاب الزيارة التفقدية التي قام بها د. محمد هانئ غنيم، محافظ بني سويف، في فبراير الماضي، إلي المسجد، التي وقف من خلالها علي حجم الأعمال المطلوبة لإنقاذ المسجد، الذي يعاني حالة من الاهمال الشديد من قبل الجهات المعنية بإعادة ترميم مثل هذه المساجد الأثرية.

أعمال الترميم

بحسب الحاج حسين براني، عضو مجلس ادارة مسجد السيدة حورية، إنه منذ الانتهاء من المرحلة الأولى من أعمال ترميم وتطوير المسجد، التي شملت تعقيم وتركيب الطبق الخشبي وعزل الأسطح وتركيب بلاط موزايكو للسطح وكمر معدني وترميم القبة ودهانها، بمعني آخر الأعمال التمهيدية التي كان من المنتظر البناء عليها واستكمالها في المرحلة الثانية ليعود المسجد إلي حالته المستقرة، ويصلي المصلين فيه دون قلق من أن يسقط المساجد فوق رؤوسهم.ن

وبمرور الوقت، وفقا لـ "براني"، لم يتم البدء في تنفيذ أعمال المرحلة الثانية وبدأت تخوفات المواطنين من التزايد بسبب الاهمال المتعمد لمطالبات رواد المسجد، خصوصا أنه  لم يكن هناك أي جديد، ولم يتم البدء في تنفيذ أعمال المرحلة الثانية، التي  تم رصد نحو 2.5 مليون جنيه من قبل وزارة الأوقاف لانجاز هذه الأعمال دون تحديد موعد للبدء، وأن المستشار محمد خلاف، رئيس مجلس إدارة المسجد، لا يدخر جهدا لإعادة استئناف الأعمال في المسجد، وأنه يحرص علي التواصل بشكل مستمر مع المسئولين في مديرية أوقاف بني سويف.

وتتم أعمال الترميم في المسجد تحت إشراف وزارتي الأوقاف والٱثار، باعتباره أحد المساجد الأثرية والتاريخية، التي يستوجب لتنفيذ أية أعمال معمارية أو إنشائية فيه أن يتم ذلك إشراف وزارة الآثار باعتباره أثر إسلامي، فيما تتولي الأوقاف الإشراف علي ما يتم من أعمال ترميم في المساجد بصفتها الجهة المعنية بالإشراف علي المساجد المنتشرة في كافة ربوع مصر.

ينطوي الأمر، في رأي أحمد الشريف أحد رواد المسجد ، علي خطورة بالغة علي حياة المصلين والزوار من مريدي ومحبي آل البيت، وذلك مع زيادة التشققات في المسجد بشكل يجعل المسجد آيل للسقوط في أي وقت، ومن ثم فإنه بات مطلوبا التعجيل باجراءات البدء في تنفيذ أعمال المرحلة الثانية لترميم المسجد، وأنه علي مديرية الأوقاف أن تعمل علي إزالة أية معوقات تقف تحول دون البدء في أعمال الترميم، خاصة وأن الحريق الذي شب علي مقربة من المسجد مؤخرا ، التي أثرت بالسلب علي المسجد.

المسجد الأشهر

يعد مسجد ومقام السيدة "حورية" الأشهر بين مساجد مدن ومراكز المحافظة السبع من الواسطى شمالا وحتى الفشن جنوبًا، خاصة وأنه يتميز بوجود ضريح ومقام لإحدى حفيدات الحسين بن علي، وصاحبة المقام اسمها زينب الحسينية شرف الدين«زينب الصغرى»، ويمتد نسبها من الأب إلى الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب، ونسبها من الأم يمتد إلى بنت كسرى ملك الفرس، وحظيت باسم حورية نظرا لجمالها وتقواها .

يُعتقد أنها رافقت الجيوش الإسلامية في فتح مصر، وأظهرت شجاعة فائقة في قتالها جنبا إلى جنب مع الرجال خلال معركة (البهنسا) بالمنيا جنوب مصر وبعدها استقر موكبها في مدينة بني سويف، وتوفيت بكرا لم تتزوج، ودفنت بمكان إقامتها، فيما يري آخرون أنها لم تولد بعد في فتح مصر، وأنها جاءت مع آل بيت النبي، صلي الله عليه وسلم، إلى مصر بعد معركة كربلاء.

وبنى "محمد بك إسلام" مسجداً بجوار ضريحها، الذي أصبح جزء من المسجد، وأتم بنائه نجله عثمان بك سنة 1323 هجرية، بجوار الضريح القديم الذي أصبح جزء من المسجد وجناحا يقع على يمين الداخل من الباب الأيمن، واستحضر له مجموعة من المهندسين الإيطالين المهرة، وأتمه من بعده ابنه عثمان بك عام 1323 هجرية. والمقام الكائن في نهاية المسجد ويفصلهما باحة، وتوضع لافتة تحمل سيرة السيدة حورية في أحد حوائط الباحة، بجوار باب مقامها.

مقام السيدة

يعتبر مقام السيدة حورية تحفة من الأرابيسك المدون ببعض جنباته كلمات مدح، وثناء على السيدة حورية ونسبها، وأمامه صندوق للتبرعات، ويعد مزارا يقصده مواطنو بني سويف، ويحرص محبو أهل بيت النبي ومريدو «السيدة»، على زيارة الضريح وقراءة الفاتحة للنبي وأهله والصلاة بالمسجد وتحتفل الطرق الصوفية في النصف الأخير من شهر شعبان بمولد السيدة حورية حيث تقام الخيام بالساحة المواجهة للمسجد والشوارع المحيطة عليها لافتات صور وأسماء أقطاب الصوفية من جميع المحافظات.

ويحرص مريدوهم وعائلاتهم على توفير الطعام والمشروبات للفقراء وزوار المقام، وتستمر الاحتفالات أسبوعا ختامها الليلة الكبيرة والتي يغلق المرور لها الشوارع المؤدية للمسجد بالحواجز الحديدية وينتشر ضباط وأفراد الأمن لحفظ النظام بالمنطقة التي تكتظ بالزوار والباعة الجالسين على الجانبين لعرض بضاعتهم من البلح والفول السودانى ولعب الأطفال إلى جانب الملاهى ويشارك في احتفالات الليلة الختامية للمولد مشاهير المقرئين والمنشدين بالإذاعة والتليفزيون من أبناء المحافظة وخارجها.

وحرص جميع المحافظين الذين تولوا مسئولية محافظة بني سويف على تأدية صلاة الجمعة من أن لآخر في مسجد السيدة حورية بالإضافة إلى تلبية دعوة مجلس إدارة المسجد لحضور تسليم الفتيات اليتيمات أجهزة عرسهن بتبرعات من المواطنين ضمن مشروع كفالة اليتيم، وكذلك الأمسيات المقامة بالمسجد في المناسبات الدينية المختلفة.